هل اقتبست المسيحية عقائدها من الأساطير الوثنية؟
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير
كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد
المطبعة: مطبعة المصريين بعين شمس
3423595 /012الطبعة الأولى: في 4/5/2010م
الترقيم الدولي: 977-17-6564-7رقم الإيداع: 1589/1/2009
3423595 /012الطبعة الأولى: في 4/5/2010م
الترقيم الدولي: 977-17-6564-7رقم الإيداع: 1589/1/2009
تمهيد
هل اقتبست المسيحية عقائدها من الأساطير الوثنية؟
ظهر في القرنين 19 و20 والآونة الأخيرة، في الغرب، عدد من الكتب والأفلام سواء الروائية أو التسجيلية التي زعمت أنها وثائقية والتي بُنيت في الأساس على نظريات شكوكية وهي التي لا تؤمن بوجود الله وعالم الروح والمعجزات (Supernatural)، بل تؤمن فقط بعالم المادة (Naturalists)، ورأت في شخص الرب يسوع المسيح وميلاده وأعمال الإعجازية وقيامته من الموت ما يتناقض تماماً مع أفكارها ومعتقداتها المشككة !! فافترضت أن شخصية المسيح هي شخصية أسطورية لا وجود لها في الحقيقة أو التاريخ!! وحاولت تبرير ما جاء في العهد الجديد عن حقيقة تاريخية شخص المسيح وحقيقة أعماله وتعاليمه بتلفيق ما أسموه بالتماثلات أو التشابهات أو حتى التطابق بين المسيح وبين حوالي 35 من الشخصيات الأسطورية في الديانات الوثنية مثل؛ كريشنا وبوذا وفشنو وميثرا من الديانات الأسيوية، وأوزيريس وحورس من الديانات المصرية القديمة وأدونيس وبرومسيوس من الديانات الرومانية واليونانية!! وزعموا أن أكثر من 10 من هذه الشخصيات الأسطورية قيل أنها ولدت في 25 ديسمبر! وأن 16 منها صلبوا وماتوا وقاموا في اليوم الثالث! وأن عقيدة الله الواحد في ثالوث مأخوذة من عدد من الديانات الوثنية مثل ثالوث "براهما وفشنو وشيفا" في الهندوسية!! و " إيزيس وأوزيريس وحورس " في المصرية القديمة!! وقالوا أن غالبية هذه الآلهة مرتبطة بعبادة الشمس قديما وأسموها بالآلهة الشمسية. بل وقال بعض الكتاب أن شخصية المسيح هي إعادة تجسد (Reincarnation) لهذه الشخصيات الأسطورية الوثنية!! وللأسف الشديد فقد تبع هؤلاء وسار على دربهم بعض الأخوة من غير المسيحيين لا هدف لهم إلا فقط الزعم بأن المسيحية ديانة محرفة وملفقة!! وتناسوا أن هذه الكتب والأفلام تنكر وجود الله وتسخر من ذاته الإلهية؟؟!!
وقد أصدر هؤلاء المشككون العشرات من الكتب التي حاولوا فيها تصوير هذه النظريات والافتراضات وكأنها الحقيقة نفسها!! ومن أهم هذه الكتب كتاب الفيلسوف الأمريكي المشكك كيرسي جرافيس Kersey Graves من فلاسفة القرن التاسع عشر في كتابه ( The World Sixteen Crucified Saviors Or Christianity Before Christ ) ، سنة 1875م، والذي نظرا لعدم إيمانه بوجود الله، وبالتالي عدم وجود وحي أو كتب مقدسة، فقد زعم أن شخصية المسيح ليست شخصية تاريخية حقيقية، وأن المسيح لم يوجد أصلاً في التاريخ، بل أنها اختلقت من مجموعة من قصص المخلصين من الآلهة البشر الذين- حسب زعمه صُلبوا- ونزلوا إلى العالم السفلي وصعدوا منه وأنه مجرد أسطورة! وهو بدوره أعتمد أيضا على كتاب (Anacalypsis) للسير جودفري هيجنس(Sir Godfrey Higgins ) والذي صدر سنة 1833م. ومن ذلك الوقت صار هذان الكتابان المرجع الأول لكل الذين يزعمون أن قصة المسيح مقتبسة عن آلهة الديانات الوثنية!! وقد قام كيرسي بناء على افتراض مسبق، وهو أن المسيح شخصية أسطورية لم توجد مطلقا كشخصية حقيقية في التاريخ، وأنه مجرد أسطورة أخذها المسيحيون من أساطير الآلهة الوثنية في الشرق والغرب، بعمل مقارنة وهمية غير حقيقية بين شخص المسيح وبين 35 شخصية أسطورية من الديانات الأسيوية والمصرية والأوربية تبدأ بكريشنا في الشرق وتصل لميثرا وأدونيس في الغرب. والغريب أنها تنتهي بنبي المسلمين!! وتأثر بهما كثيرا وليم توماس دوان (Thomas William Doane) في كتابهBible" Myths And Their Parallels In Other Religions = أساطير الكتاب المقدس مع ما يوازيها في الديانات الأخرى "، والذي صدر سنة 1882م، الذي ينقل عنه الأخوة المسلمون كثيرا تحت اسم العلامة دوان!! وغيره من الكتب المشككة التي استمرت في الصدور حتى وقتنا هذا مثل شفرة دافنشي وغيرها من الكتب التي استثمرت النجاح المادي لشفرة دافنشي!! ومن أهم الكتب التي ظهرت في الفترة الأخيرة، والتي جمعت هذه الافتراضات المشككة وصاغتها بصورة تلفيقية تجعلها تبدو وكأنها الحقيقة الموثقة هي كتب الكاتبة الأمريكية Dorothy M. Murdock المعروفة باسم Acharya S والتي أصدرت حتى الآن ستة كتب؛ الأول صدر سنة 1999م بعنوان "مؤامرة المسيح: أعظم قصة تم رواجها على الإطلاق = The Christ Conspiracy: The Greatest Story Ever Sold "، والذي زعمت فيه أن المسيح مجرد أسطورة من الأساطير! ثم كتبت طبعة جديدة لكتاب كرسي جريفس)Kersey Graves( سنة 2001م:" The World's Sixteen Crucified Saviours: Christianity Before Christ "، ثم كتبت سنة 2004م كتاب "The Suns of God: Krishna, Buddha and Christ Unveiled "، أي شموس الله (أو " أبناء إله الشمس): كشف النقاب عن كريشنا وبوذا والمسيح ". والذي حاولت فيه عمل مقارنة بين شخصية المسيح مع شخصيتي بوذا وكريشنا لتوحي للقارئ أن قصة المسيح مقتبسة عنهما!! وفي سنة 2007م نشرت كتاب " من هو يسوع؟ بصمات المسيح = Who Was Jesus? Fingerprints of The Christ ". أكملت فيه الموضوع وناقشت فيه مصداقية تاريخية المسيح. وفي سنة 2009م نشرت كتاب " المسيح في مصر: الارتباط بين حورس والمسيح "، و " إنجيل بحسب أكاريا = The Gospel According to Acharya S ". وبناء على ما جاء في كتبها وبعض الكتب الأخرى التي سنذكرها في حينها، تم عمل الفيلم الوثائقي المشكك الملفق " زايتجايست - Zeitgeist " أي " روح العصر "!! والذي عملت كمستشارة له، إلى جانب موقعها على النت. والذي يسخر من ذات الله وينكر وجوده تماماً ويركز بدرجة كبيرة على تصوير المسيحية وكأنها مقتبسة عن أساطير الديانات الوثنية!! ومع ذلك فقد تلقفها بعض الكتاب من الأخوة المسلمين ونشروها في كتبهم ومواقعهم على النت وكأنها الحق الذي لا يأتيه الباطل متجاهلين أنها تنكر وجود الله وأن هدفها نشر الفكر المشكك، وذلك بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة والضرورات تبيح المحظورات ودرأ الخطر الأكبر بخطر اصغر!! ومن ثم فقد حمل هذا الفكر المشكك الكثير من مواقع النت اللادينية والتشكيكية والإسلامية المتطرفة!! وقد درس هؤلاء الكُتاب حياة وشخصية وأعمال وتعاليم الرب يسوع المسيح وراحوا يخدعون القراء والمشاهدين، ورتبوها ونظموها في حوالي 40 نقطة جوهرية وعنوان جوهري، وراحوا يكيفونها ويجعلونها تبدو وكأنها متماثلة أو متطابقة مع أساطير الآلهة الوثنية!! نظراً لاستحالة التماثل بين شخص المسيح وبين هذه الآلهة الأسطورية الوثنية في جميع النقاط، لذا حاولوا أن يجعلوا عدة نقاط من حياة المسيح وأعماله تتماثل أو تتشابه مع مجموعة نقاط لأحد هذه الآلهة ليوحوا للقارئ الساذج وغير الدارس للأديان أنها تماثلات حقيقية!! وفيما يلي ترتيب حياة المسيح وأعماله كما رتبها هؤلاء الكتاب وحاولوا تطبيقها بصورة تلفيقية لتبدو وكان حياة المسيح مقتبسة من أساطير هذه الآلهة الوثنية :
1- مجيء المسيح من سلالة ملكية هي سلالة الملك داود.
2- بشارة الملاك للعذراء بميلاد المسيح.
3-حبل العذراء من الروح القدس.
4- ميلاده المسيح من عذراء.
5- مدح(تطويب) الملاك للعذراء.
6- شك يوسف في حبل العذراء وتأكيد الملاك له بأنها حبلى من الروح القدس.
7- ميلاد المسيح في كهف (من أناجيل الطفولة الأبوكريفية).
8- ميلاد المسيح من أسرة فقيرة في قرية صغيرة وفي مزود للبقر.
9- ظهور الملائكة وقت ميلاده.
10- بشارة الملاك للرعاة.
11- زيارة الرعاة للطفل المولود.
12- ظهور نجم عند ميلاده يرشد إلى مكان ميلاده.
13- زيارة المجوس للمسيح ومعهم هدايا ذهب ولبان ومر.
14- الملاك يطلب من يوسف أن يأخذ الصبي وأمه ويهرب إلى مصر. 15- قتل الملك هيرودس لأطفال بيت لحم بسبب ميلاده.
16- مناقشته للشيوخ وهو في سن الثانية عشرة.
17- عماده من يوحنا المعمدان.
18-حلول الروح القدس عليه وقت العماد.
19-كان له اثنا عشر تلميذاً.
20- عمل الموعظة على الجبل.
21- إخراجه للشياطين.
22-عمل معجزات شفاء أمراض وإحياء موتى 00 الخ .
23- سكب المرأة الخاطئة لقارورة الطيب على رأس المسيح.
24- تجلي المسيح أمام بعض تلاميذه وكشف لهم عن شيء من لاهوته ومجده.
25- هو الكلمة المتجسد، الله الظاهر في الجسد.
26- هو الراعي الصالح.
27-حب المسيح لتلميذه الحبيب يوحنا.
28- صنع العشاء الرباني بخبز وخمر.
29- محاكمة المسيح.
30- موت المسيح على الصليب.
31- حدوث آيات وعجائب عند موته، مثل تشقق الصخور واحتجاب الشمس.
32- تقديمه الفداء لكل البشرية (مخلص البشرية) .
33- قيامة المسيح من الأموات.
34- قيامة بعض الموتى عند قيامته.
35- صعوده إلى السموات.
36- مجيئه الثاني للدينونة.
37- هو الذي سيجازي كل واحد حسب أعماله.
38- هو خالق الكون، الكل به وله قد خلق.
39- هو أحد اقانيم الثالوث في الذات الإلهية.
40- هو إله تام وإنسان تام.
41- يسجد له مَن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض. هذه أهم نقاط حياة المسيح وتعليمه وأعماله التي رتبوها بهذا الشكل وقاموا بعملية، تماثل وتشابه، تلفيقية وهمية، وقالوا كذباً وتلفيقاً، أن هذا التماثل وهذا التشابه يبين كيف أن شخصية المسيح اقتبست من أساطير الآلهة الأسطورية للديانات الوثنية!! وللأسف الشديد فقد قام بعض الكُتاب من الإخوة المسلمين بنقلها عنهم وكأنها حقائق!! مع أن هذه التلفيقات تناقض الإسلام نفسه!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق