المشاركات الشائعة

الجمعة، 4 نوفمبر 2011

التوراة



التوراة
التوراة:- 1- سفر التكوين :-
يتكون سفر التكوين من 50 إصحاح .
النظرة العامة:-    *  خلق الكون ( السموات والأرض ) .  *   خطية الإنسان الأولى.    *  قايين وهابيل .  * الطوفان .   * الآباء الأولين : إبراهيم واسحق ويعقوب ويوسف ، والدخول إلى ارض مصر.

أولاً :- خلق الكون ( السموات والأرض ):-
قصة الخلق تعلن وبكل وضوح أن الله هو الخالق الأوحد للكون لذلك فان لفظة الجلالة قد ورد في هذا الإصحاح ( الأول ) 35مرة . للدلالة على أن الله هو الإله الوحيد الخالق .
ولكن السؤال هنا ؟ هل تتعارض قصة الخلق الكتابية مع الحقائق والمعطيات العلمية ؟ والجواب على هذا السؤال كالتالي:-
1- يقول العلماء وبالأخص علماء الجيولوجيا أن الكون وُجِد مِن قَبْل حوالي 10000 مليون سنة والأرض من حوالي 4500 مليون سنة ، والكتاب المقدس مع أنه كتاب روحي إلا أنه لا يتعارض مع البراهين العلمية والحوادث التاريخية .
فلو دققنا النظر في الإصحاح الأول من سفر التكوين فإننا لا نجد أن الله قد خلق الأرض في ستة أيام متواصلة أو متتابعة ، كل ما في الأمر أنه في نهاية كل يوم يقول " وكان صباح وكان مساء يوماً واحداً ... ثانيا .... ثالثاً ... الخ " فلا يَقُل في بداية اليوم التالي مثلاً عبارة (وفي اليوم الثاني قال ليكن جَلَدَ ... ) بل يبدأ بقولهِ " وقال الله ليكن جَلَد ..."
 2- إن الزمن يُقاس بواسطة الضوء والحركة وبناءً على ذلك فاليوم في بداية الخَلق مجهول الطول ، فاليوم الحالي هو عبارة عن حركة الأرض حول ذاتها أمام الشمس ولكن لا نرى لوجود الشمس والقمر إلا في اليوم الرابع مِن الخليقة . إذاً فالمساء والصباح هو حقبة متوقفة على مرور أنوار أو أضواء كونية على الكرة الأرضية آنذاك . بالإضافة إلى ذلك ، فأن حركة الأرض أكثر سرعة مِن الآن ، وبهذا فإننا لا نقدر أن نعرف مدة اليوم الكتابي إلا أنه عبارة عن حقبة زمنية معتمدة على بداية خلقة شيء والانتهاء منه يعني نهاية اليوم ... وحتى اليوم الحالي هو يوم نسبي ، فبينما يتألف اليوم الواحد على كرتنا الأرضية والبالغ قطرها عند خط الاستواء (12757) كيلو متر ، يبلغ يومها (24) ساعة لكل دورة ، فأن كوكب عطارد أقرب كواكب مجموعتنا الشمسية إلى الشمس والذي يبلغ قطره (4880 كلم ) ، فأنه وبرغم صغر قطره يبلغ يومه الواحد 58.6 يوماً من أيام الأرض . إذا فحتى اليوم الواحد وفي ذات العصر هو نسبي .
3- ويقول الوحي الإلهي في ( مز 90 : 4 ) : " لأن ألف سنة في عينيك مِثل يوم أمس بعدما عبر ..." ، وأيضاً في ( 2 بط 3 : 8 ) : " إن يوماً واحداً عند الرب كألف سنة وألف سنة كيومٍ واحدٍ " .
4- بالإضافة إلى ذلك فأننا عندما نقرأ عن نهاية كل يوم يقول : " وكان مساء وكان صباح يوماً واحداً ... ثانياً ...ثالثاً ...." بينما لا نرى هذا الأمر في اليوم السابع ، وهذا دليل على أن اليوم السابع لازال مستمراً مِن تلك البداية...وهذا دليل على أن معنى اليوم لأيام الخليقة ليس حرفياً،بل يوماً مجازياً يُقصد به حقبة معينة يتخللها عمل ويكتمل هذا اليوم باكتمال هذا العمل.

والسؤال هنا كيف يقول الوحي في (تك 3:1) : " وقال الله ليكن نور فكان نور " وكان ذلك في اليوم الأول مِن الخليقة بينما يقول الوحي وذلك في اليوم الرابع مِن الخليقة (تك 16:1) : "فعمل الله النورين العظيمين ..." (أي الشمس والقمر)؟!  
والرد على ذلك أن الآية في أول أيام الخليقة لهي مِن أكبر الأدلة العلمية والتي تتوافق مع أغلب نظريات التكوين الأول وخصوصاً مع نظرية الانفجار الكوني الأول ، فبمجرّد ظهور (النور) هذا يعني ظهور النار ، فلا نور مادي بدون نار وهذا يعني انفجاراً هائلاً في كتلةٍ ضخمة (تسمى الأرض) وتشظّت تلك القطعة لتنتج الكواكب والنجوم ومنها الأرض ، لذلك يقول الوحي في (تك 3:1) : " وقال الله ليكن نور فكان نور " فنرى كلمة (نور) نكرة وهذا يعني أنها تقابل كلمة (أنوار) – النكرة كذلك – الواردة في ذات الإصحاح ولكن في اليوم الرابع ، وبما أن كلمة (أنوار) هنا تدل على الكواكب والنجوم المضيئة وأيضاً على الشمس والقمر كقول الرب في (ع 16) : "فعمل الله النورين العظيمين . النور الأكبر لحكم النهار والنور الأصغر لحكم الليل...." هكذا أيضاً تدل كلمة ( نور ) في (ع 3) على كتلة كونية واحدة ، وليس فقط على الضوء بدلالة ما ذكرنا ، وما أن انبلج النور من النار ، بعد التصادمات النووية الكونية ، انفجرت تلك الكتلة ، فتحول الوحي الإلهي من كلمة ( نور ) إلى (النور) المعّرفة ، فيقول في (ع 4) : "ورأى الله النور أنه حسن" . ومتى حصل الانفجار الكوني ؟ حصل بعد أن رأى الله النور ( الكتلة الواحدة ) أنه حسن ، ثم "فصل الله بين النور والظلمة" أي بعد أن تشظت وتطايرت الكتل الكونية صار بعضها منيراً ذاتياً كالشمس والآخر مظلم بذاته وغير محترق ، فكما أن النور يدل على الكتلة المضيئة كذلك فان الليل يدل على الكتلة الغير منيرة كالأرض مثلاً .
ولكن إن كان اليوم الأول يدل على الانفجار الكوني ، فلماذا يقول الوحي في (ع 1 و 2) :" في البدء خلق الله السموات والأرض وكانت الأرض خربةً وخاليةً وعلى وجه الغمر ظلمةٌ وروح الله يرف على وجه المياه" إي بمعنى إذا كان الله قد خلق السموات أي الكواكب والنجوم والأرض في البداية فكيف يعود ويذكر خلقة الأرض والكون ثانيةً ؟!
وجواب هذا السؤال كالتالي :-
1- أن الأساليب القديمة في الكتابة تعتمد التكرار في الكلام واستباق النتائج كذلك إذ كانت منتشرة في الكتابات العالمية القديمة مثل ملحمة كلكامش البابلية ، والإلياذة الإغريقية وغيرها ، بل وأن حتى الكتاب المقدس ذاته مليء بهذا الأسلوب التكراري في عهده القديم خاصةً مثل (مز 118) ......الخ . بل أننا سنرى ذات الأسلوب في التكرار عند خلق الرب لآدم وحواء في الإصحاح الثاني من سفر التكوين ، فهذا الأسلوب كان متبعاً ، يبدأ بصياغة موجزة ثم بتفصيل تلك الصياغة بشكل شامل للحدث . وهذا تفسير سفر التكوين بهاتين الآيتين عن خلق الله للسماء والأرض ثم يرجع ليفصل كيفية ذلك الخلق العظيم .
2- أن بدء اليوم الأول من الخليقة لَم يكن مِن بداية عبارة " في البدء خلق الله السموات والأرض ..." بل من الآية (3) " وقال الله " ففي بداية كل يوم مِن أيام الخليقة الستة تبتدئ بـ "وقال الله" كبداية ..... يوم الخلق ، وهذا ينطبق على أول أيام الخلق، ولكن ترقيم الآيات أوقع القارئ في اللبس باعتبار اليوم الأول مقترن بالعدد الأول من الإصحاح الأول من سفر التكوين ، وعدم التمييز أو التفريق بين الآيات والكلمات . علماً أن بداية تقسيم آيات الكتاب المقدس لَم تبدأ إلا في القرن الثالث الميلادي حوالي سنة 220 ، أي أن تقسيم الإصحاحات والآيات ليس من أصل الكتاب المقدس .
3- إن ورود الآية الأولى في سفر التكوين " في البدء خلق الله السموات والأرض " إنما هو إعلان روحي وحقيقي على أن الخالق الوحيد هو الله وليس الآلهة التي يعبدها الوثنيين وباقي الأمم ، وإنما هذه الأشياء الأرض والشمس والقمر والحيوانات وغيرها والتي كانت تُعد آلهة مِن قِبَل تلك الشعوب إنما هي ليست سوى مصنوعات ومخلوقات الخالق الأوحد والحقيقي الله العظيم.
أما اليوم الثاني ... فبعدما أن انفصلت الأرض عن الكتلة الكونية الأولى ، وهي في حالة من الانصهار الكلي نتيجة الحرارة بسبب الانفجار الكبير ، وهذه الحرارة وبعدما تناقصت وأصبحت إلى 400 درجة تم اتحاد الأوكسجين بالهيدروجين ليتكون الماء ، ولكن الماء وفي هذه الدرجة أو أقل قليلاً لا يمكن أن يكون إلا في حالة غازية ، وبعد أن بردت الأرض تحت أقل مِن 100 درجة مئوية صار بإمكان المياه أن تكون في حالتين السائلة والغازية ، وكان البخار يملأ الغلاف الجوي بحيث أن الضوء لا يتخلله إلا نادراً وهذا الغاز هو الـ (جَلَد) إي فاصل مِن البخار بين المياه السائلة والسحب ، أما السماء المقصودة هنا فهي (سماء الطيور) أي الغلاف الجوي .
 في اليوم الثالث يقول الوحي أن الله أمر بأن تجتمع المياه إلى مكان واحد ! فكيف ذلك ؟ عندما بردت الأرض انحسرت المياه وذلك بسبب انجمادها في كِلا القطبين الشمالي والجنوبي وباقي أجزاء الكرة الأرضية الباردة فظهرت اليابسة ، بينما ملأت المياه الأودية العميقة والتي هي الآن نعرفها بالبحار والمحيطات وأيضاً الأنهار ، ولكن كيف عرف موسى وهو الذي لَم يشاهد سوى البحر المتوسط والبحر الأحمر والبحر الميت وفي وقته كان يراها بحار مستقلة كيف عَلِم أن تلك البحار والمحيطات بأنها متصلة ببعضها بقوله بالوحي "لتجتمع المياه تحت السماء إلى مكان واحد" عِلماً أن قناة السويس لَم تكن آنذاك ؟ إلا إذا كان الله هو الكاتب الحقيقي لسِفر التكوين، ونرى الأمر العجيب والدقيق جداً ، فالعالَم القديم ومنه زمن موسى كان يجهل حقيقة التركيب الضوئي للنباتات ، وكيف أن النباتات وبواسطة المادة الخضراء (الكلوروفيل) تأخذ غاز ثاني أكسيد الكربون وتعطي الأوكسجين لصنع غذاء لها ، وبهذا فمِن المحتّم أنْ يخلق الله النبات أولاً لإمداد الحياة بغاز الأوكسجين ، ثانياً أن النبات هو غذاء للحيوانات وللإنسان ، فلا يمكن أن يوجد إنسان أولاً قبل النبات ، فإذ ذاك ماذا سيأكل لإدامة حياته ؟ وهذا ما يتفق أصلاً مع المعطيات العلمية والتي تؤكد وجود النبات أولاً قبل الإنسان والحيوان .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  


  

ليست هناك تعليقات: